أختلف الأدباء قديماً في عدد المعلقات فقد اختارها حماد سبعة
وقد اتى بعضهم وجعلها عشرة باضافة قصيدة كلاً من
النابغة الذبياني - الأعشى.. وعبيد بن الأبرص.
قصائد شعرية من أجود الشعر الجاهلي، وأبرز الأغراض التي تدور حولها هذة المعلقات
الفخر والمدح والوصف لكنها تبدأ بالغزل وذكر الأطلال على عادة شعراء الجاهلية.
تعد من أقدم الاختيارات الشعرية، وهناك اتفاق أن حماد الراوية هو الذي
قام باختيارها وأن الجاهليين لا صلة لهم مطلقا بهذه التسمية.
أما بالنسبة للتسمية بالمعلقات فقد قالوا إن العرب اختارت هذه السبع قصائد
وفضلتها على غيرها وكتبتها بماء الذهب على القباطي(الكتان المصري
وعلقتها على أستار الكعبة.
وحول هذه المسالة (مسالة التعليق) اختلفت الآراء بين مؤيد وبين رافض.
من القدماء الذين رفضوا القصة قال ابن النحاس لم يثبت ما ذكره الناس من أنه
كانت معلقة على الكعبة، ومن علماء الأدب والشعر الذين لم يستخدموا
هذه التسمية الجاحظ والمبرد والقرشي.
والذين أيدوا فكرة التعليق ابن رشيق والسيوطي وياقوت الحموي
وابن الكلبي وابن خلدون.
هو الحارث بن ظليم بن حلزّة اليشكري ، من عظماء قبيلة بكر بن وائل
كان شديد الفخر بقومه حتى ضرب به المثل فقيل : أفخر من الحارث بن حلزة
ولم يبق لنا من أخباره إلا ما كان من أمر الاحتكام إلى عمرو بن هند سنة ( 554 ـ 569 )
لأجل حل الخلاف الذي وقع بين القبيلتين بكر و تغلب توفي سنة 580 للميلاد
أي في أواخر القرن السادس الميلادي على وجه التقريب.
ويقال انه أنشد هذه القصيدة عندما كان عمره 135 سنة.
آ
ذنتنا ببينها أسماء..................... رب ثاو يمل منه الثواء
بعد عهد لنا ببرقة شماء .............. فأدنى ديارها الخلصاء
فالمحياة فالصفاح فأعناق...............فتاق فعاذب فالوفاء
فرياض القطا فأودية الشرب............فالشعبتان فالأبلاء
لا أرى من عهدت فيها فأبك............اليوم دلها وما يحير البكاء
وبعينيك أوقدت هند النار ...............أخيراً تلوي بها العلياء
فتنورت نارها من بعيد.................بخزازى هيهات منك الصلاءُ
أوقدتها بين العقيق فشخص..............بعود كما يلوح الضياء
غير أني قد أستعين علىا................إذا خف بالثوي النجاء
بزفوف كأنها هقلة .....................أم رئال دوية سقفاءُ
تقع المعلقة في ( 85 ) خمس و ثمانين بيتاً . شرحها الزوزني
و هي همزية على البحر الخفيف و فيها قيمة أدبية و تاريخية كبيرة تتجلى
فيها قوة الفكر عند الشاعر و نفاذ الحجة كما أنها تحوي القصص و ألواناً
من التشبيه الحسّي كتصوير الأصوات و الاستعداد للحرب و فيها من الرزانة
ما يجعلها أفضل مثال للشعر السياسي و الخطابي في ذلك العصر.
هو عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب
بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل الشاعر الجاهلي المشهور
ويكنى أبا الأسود وقيل: أبا عمير .
كان شاعراً فارساً عاش في الجاهلية وتزعم قبيلة تغلب وهو في الخامسة عشرة
من العمر، وقد اشتهر بقتله الملك عمرو بن هند، وقد نبغ عمرو بن كلثوم صغيراً
ودانت له رقاب صناديد القبيلة اعترافاً بنبوغه المبكر، أما السبب في قتله عمرو بن
هند فقد روى الراوون أن هذا الملك سأل جلاسه قائلا: هل تعلمون أحداً من العرب
تأنف أمه من خدمة أمي قالوا: لا نعلم إلا ليلى بنت المهلهل بن ربيعة أم عمرو
بن كلثوم سيد قبيلة تغلب، فأرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم يستزيره،
ويسأله أن يصحب معه أمه فأقبل عمرو بن كلثوم من الجزيرة في جماعة من قومه
وأمه معه ودخل على الملك في رواقه بين الحيرة والفرات
أما أمه ليلى بنت مهلهل بن ربيعة فقد دخلت على أم الملك هند في قبتها
وهي عمة امرئ القيس الشاعر المشهور، ولما حان وقت الطعام قالت
هند لليلى ناوليني ذلك الطبق. فقالت لتقم صاحبة الحاجة إليه، فأعادت عليها
وألحت فصاحت ليلى قائلة: وا ذلاه يا لتغلب، فسمعها ابنها عمرو بن كلثوم فاختطف
سيفا لعمرو بن هند وضرب به رأسه حتى مات ونادى قومه فنهبوا جميع
ما في ذلك الرواق، وساقوا إبله وعادوا إلى الجزيرة وقد قاسى التغلبيون الكثير
من العناء بعد هذه الحادثة وطاردهم المناذرة وضيقوا عليهم
فتوجهوا نحو الغساسنة في الشام، وما لبثوا أن اختلفوا معهم واندلعت الحرب بين الفريقين.
وبقي عمرو بن كلثوم يصول ويجول بين القبائل العربية يثير الحماسة والجرأة
في نفوس أبناء قبيلته حتى اصطدم بقبيلة بني حنيفة في اليمامة، وعلى رأسها
فارسها الصلب المقدام يزيد بن عمرو بن شمر فتنازلا وكانت الغلبة ليزيد بن عمرو
فقد سدد نحوه طعنة نجلاء وانقض عليه وأسره وسار به حتى بلغ قصراً من قصور القبيلة فأنزله فيه ونحر له وكساه، فقد كانت قبائل نجد كلها تعرف مكانة هذا
الشاعر الفارس المقدام.
وقد حظيت معلقة عمرو بن كلثوم بالاهتمام منذ ذلك التاريخ وقد عُمّرَ ومات
وهو ابْنُ مائة وخمسين عام 570 ميلادية وفي رواية أخرى انه مات عام 600 ميلادية.
ألا هُــبَّــي بِـصَـحْـنِـكِ فاصْبَـحِـيـنـا..
ولا تُـبْــقِــي خُــمـــورَ الأنْــدَرِيــنــا
مُشَعْشَـعَـةً كَــأنَّ الـحُــصَّ فِـيـهـا..
إذا مـــا الـمــاءُ خَالَـطَـهـا سَخِـيـنـا
تَـجُـورُ بِــذي الُّلبـانَـةِ عَـــنْ هَـــواهُ ..
إذا مــــا ذَاقَــهــا حَــتَّـــى يِـلِـيـنــا
تَــرَى الَّلـحِـزَ الشَّحـيـحَ إذا أُمِّـــرَتْ ..
عَـلَـيِــهِ لِـمــالِــهِ فِـيــهــا مُـهِـيـنــا
صَـبَـنْـتِ الـكَــأْسَ عَـنَّــا أُمَّ عَـمْــرٍو..
وكــانَ الـكَـأْسُ مَـجْـراهـا الَيمِـيـنـا
ومَــــا شَــــرُّ الـثَّـلاثَــةِ أُمَّ عَــمْــرٍوِ ..
صـاحِــبِــكِ الـــــذي لا تَصْـبَـحِـيـنـا
وكَـــأْسٍ قَــــدْ شَــرِبْــتُ بِبَـعَـلْـبَـكٍ ..
وأُخْـرَى فــي دِمَـشْـقَ وقاصِرِيـنـا
وإنَّــــا سَــــوْفَ تُـدْرِكُـنــا الـمَـنـايَــا..
مُـــقَــــدَّرَةً لَــــنــــا ومُــقَــدَّرِيــنــا
قـفِـي قَـبْـلَ التَّـفَـرُّقِ يـــا ظَعِـيـنـا ..
نُــخَــبِّــرْكِ الـيَـقِــيــنَ وتُـخْـبِـرِيـنــا
قِفِـي نَسْأَلْـكِ هَـلْ أَحْدَثْـتِ صَـرْمـاً..
لِـوَشْـكِ البَـيْـنِ أَمْ خُـنْــتِ الأَمِـيـنـا
تقع المعلقة في (103) بيتاً، شرحها الزوزني، و فيها قيمة أدبية و تاريخية كبيرة .
هو عنترة بن شداد العبسي شداد جده غلب على اسم أبيه ، كان من فرسان العرب
وأغربتها وأجوادها وشعرائها المشهورين بالفخر والحماس ،له قصه ظريفه ..
يقال ، كانت أمه أمّة حبشية تسمى زبيبة ، وأبوه من سادات بني عبس وكان من
عادات العرب ألا تلحق ابن الأمة بنسبها ، بل تجعله في عداد العبيد
ولذلك كان عنترة عند أبيه منبوذا، يرعى الأبل والخيل ، فربأ بنفسه عن خصال العبيد
ومارس الفروسية ومهر فيها، وشب فارسا شجاعا هماما ، وكان يكره استعباد أبيه له
وعدم إلحاقه به ، حتى غار بعض العرب على عبس ، واستاقوا إبلهم
ولحقتهم بنو عبس ، وفيهم عنترة لاستنقاذ الإبل ،فقال له أبوه :كر ياعنترة
فقال : العبد لا يحسن الكر، إنما يحسن الحلاب والصر ، فقال : كر وأنت حر
فقاتل قتالا شديدا حتى هزم القوم واستنقذ الإبل ، فاستلحقه أبوه
ومن ذلك الوقت ظهر اسمه بين فرسان العرب وساداتها
وطال عمر عنتره حتى ضعف جسمه وعجز عن شن الغارات.
هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَـرَدَّمِ
أَمْ هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ
يَا دَارَ عَبْلَـةَ بِالجَوَاءِ تَكَلَّمِي
وَعِمِّي صَبَاحَاً دَارَ عَبْلَةَ وَاسْلَمِي
فَوَقَفْتُ فِيهَا نَاقَتِي وَكَأنَّـهَا
فَدَنٌ لأَقْضِي حَاجَـةَ المُتَلَـوِّمِ
وَتَحُلُّ عَبْلَـةُ بِالجَـوَاءِ وَأَهْلُنَـا
بِالْحَـزْنِ فَالصَّمَـانِ فَالمُتَثَلَّـمِ
حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْدُهُ
أَقْوَى وَأَقْفَـرَ بَعْدَ أُمِّ الهَيْثَـمِ
حَلَّتْ بِأَرْضِ الزَّائِرِينَ فَأَصْبَحَتْ
عَسِرَاً عَلَيَّ طِلاَبُكِ ابْنَـةَ مَخْرَمِ
عُلِّقْتُهَا عَرَضَاً وَاقْتُـلُ قَوْمَهَا
زَعْمَاً لَعَمْرُ أَبِيكَ لَيْسَ بِمَزْعَـمِ
وَلَقَدْ نَزَلْتِ فَلا تَظُنِّـي غَيْرَهُ
مِنِّي بِمَنْزِلَـةِ المُحِبِّ المُكْـرَمِ
كَيْفَ المَزَارُ وَقَدْ تَرَبَّعَ أَهْلُهَـا
بِعُنَيْـزَتَيْـنِ وَأَهْلُنَـا بِالغَيْلَـمِ
إِنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ الفِرَاقَ فَإِنَّمَا
زُمَّتْ رِكَابُكُم بِلَيْـلٍ مُظْلِـمِ
تقع المعلقة في (75) بيتاً.
هو طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة البكري
الوائلي، أرجعه المفضل الضبي إلى معد بن عدنان واسمه عمرو
وقال أبو عمرو: الطرفاء من الحمض قال: وبها سمي الرجل طرفة .
وهو ابن أخت الشاعر المتلمس، وابن أخي الشاعر المعروف بالمرقش الأصغر
فالتقى إليه الشعر من طرفيه، وكان مولده في البحرين حوالي سنة 538م.
مات أبوه و هو بعد حدث فكفله أعمامه إلا أنهم أساؤوا تريبته و ضيقوا عليه
فهضموا حقوق أمه و ما كاد طرفة يفتح عينيه على الحياة حتى قذف بذاته
في أحضانها يستمتع بملذاتها فلها و سكر و لعب و بذر و أسرف
فعاش طفولة مهملة لاهية طريدة راح يضرب في البلاد حتى بلغ أطراف جزيرة العرب
ثم عاد إلى قومه يرعى إبل معبد أخيه ثم عاد إلى حياة اللهو بلغ في تجواله
بلاط الحيرة فقربه عمرو بن هند فهجا الملك فأوقع الملك به مات مقتولاً
ويقال إن مقتله كان سنة 552م، وقيل سنة 564م وكان له من العمر آنذاك ستة
وعشرين سنة، واستدل على ذلك بقول أخته في رثائه :-
عددنا له ستاً وعشرين حجّةً
فلما توفاها استوى سيداً ضخما
فجعنا به لما رجونــا إيابه
على خيرِ حالٍ لا وليداً ولا قحما
وتذكر كتب الأدب أن طرفة كان معتداً بنفسه متشوقا بها واثقاً منها مترفعاً
إلا عن الملوك يرجوهم ويهجوهم في آن واحد، كما كان ميالا إلى اللهو
ومعاقرة الخمرة، ومنفقاً ماله عليهما وعلى ملذاته، وصاحب شخصية واضحة تظهر
بكل تفاصيلها في شعره، فقد جمع إلى عبثه ومجونه حكمة الشيوخ وتفكيرهم
وإلى فتوة الشباب وطموحاتهم قوة الفطرة وصدق النظر.
لِخَوْلَةَ أطْلالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَدِ
تلُوحُ كَباقي الوَشْمِ في ظاهِرِ اليَدِ
وُقوفاً بِها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ
يقولونَ لا تَهْلِكْ أسًى وتَجَلَّدِ
كأنَّ حُدوجَ المالِكِيَّةِ غُدْوَةً
خَلا ياسَفينٍ بالنَّواصِفِ مِنْ دَدِ
عَدَوْلِيَّةٌ أو مِنْ سَفينِ ابن يامِنٍ
يَجورُ بِها الملاَّحُ طَوْراً ويَهْتَدِي
يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيْزومُها بِها
كَمَا قَسَمَ التُّرْبَ المُفايِلَ باليَدِ
وفي الحَيِّ أحْوَى يَنْفُضُ المرْدَ شادِنٌ
مُظاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَدِ
خَذولٌ تُراعىَ رَبْرَباً بِخَميلَةٍ
تَناولُ أطْرافَ البَريرِ وتَرْتَدي
وتَبْسِمُ عن أَلْمى كأنَّ مُنَوِّراً
تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ دِعْصٍ له نَدِ
سَفَتْهُ إياةُ الشَّمسِ إلاّ لِثاتِهِ
أُسِفَّ ولم تَكْدِمْ عليهِ بإثمِدِ
ووجْهٍ كأنَّ الشَّمسَ ألْقتْ رِداءهَا
عليه نقيِّ اللَّونِ لم يَتَخَدَّدِ
[COLOR="Blue"]تقع المعلقة في (102) بيتاً .
وبعض النقاد فضلوا معلقة طرفة على جميع الشعر الجاهلي لما فيها من الشعر
الإنساني ـ العواصف المتضاربة ـ الآراء في الحياة ـ و الموت جمال الوصف ـ
براعة التشبيه ، و شرح لأحوال نفس شابة و قلب متوثب.
وفي معلقته من الفوائد التاريخية الشيء الكثير كما صورت ناحية واسعة
من أخلاق العرب الكريمة و تطلعنا على ما كان للعرب من صناعات و ملاحة و أدوات.
[/COLOR]
هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار بن معاوية بن الحارث
بن يعرب بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة.
وقيل اسمه حندج بن حجر، والحندج: الرملة الطيبة تنبت نباتاً حسناً ومعنى
امرؤ القيس: رجل الشدّة وكان يقال له: الملك الضليل، وذو القروح
(مولده بنجد وقيل بمنطقة السكون بحضرموت)
كان ابوه ملك أسد وغطفان , وأمه اخت المهلهل الشاعر , فلقنه المهلهل الشعر
فقاله وهو غلام،وما كاد الشاعر يشب و يصلب عوده حتى انطلق لسانه بالشعر
متأثراً بخاله مهلهل ، و كان يهوى التشبيب في شعره ، حتى قيل إنه شبّب بزوجة أبيه
،ولما زاد عبثه ولهوه ومعاشرته صعاليك العرب،فما كان من أبيه إلا أن نهاه عن النسيب
ثم طرده من كنفه حين لم ينته عن قول الشعر البذيْ ، فلحق الشاعر بعمه شرحبيل
و إذا بابنة عمه فاطمة المعروفة بعنيزة ، تمد شاعريته و تخصبها حتى تكون
المعلقة إحدى ثمار هذا المد .
أبعده أبوه الى دمون بحضرموت موطن آبائه وعشيرته وهو في نحو العشرين
من العمر فأقام بدمون زهاء خمس سنين ولكنه لم يترك الطرب ولا الشراب
ولا اللهو ولا الغزو , وثار بنو أسد على أبيه فقتلوه , فبلغ ذلك امرؤ القيس وهو جالس
للشراب فقال رحم الله ابي ضيعني صغيرا وحمّلني دمه كبيرا , لاصحو اليوم
ولاسكر غدا , اليوم خمر وغدا أمر , ونهض من غده فلم يزل حتى ثأر لأبيه من بني أسد .
وتقول الروايات أن امرؤ القيس تابع مسيره والمرض يفت جسمه فتاً إلى
أرض الروم إلى مدينة تدعى أنقرة، وقد ثقل عليه المرض فأقام بها إلى
أن مات وقبروكانت وفاته سنة 565م على أرجح الروايات.
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ
بِسِقْطِ الِّلوَى بيْنَ الدَّخولِ فَحَوْمَلِ
فتُوضِحَ فالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها
لِمَا نَسَجَتْها مِنْ جَنوبٍ وشَمْألِ
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها
وقِيعانِها كأنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ
كَأنِّي غَداةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلوا
لَدَى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنْظَلِ
وُقوفاً بِها صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُمُ
يَقولون لا تَهْلِكْ أَسىً وتَجَمَّلِ
وإنَّ شِفائِي عَبْرَةٌ مُهْراقَةٌ
فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَها
وجارَتِها أُمِّ الرَّبابِ بِمَأْسَلِ
إذا قامَتا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُما
نَسيمَ الصَّبا جاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ
فَفَاضَتْ دُموعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَاَبةً
عَلَى النَّحْرِ حتَّى بَلَّ دمْعِي مِحْمَلِي
تقع المعلقة في (81) بيتاً، أولاها الأقدمون عناية بالغة ، و جعلها رواة المعلقات
فاتحة كتبهم ، كما جعلها رواة الديوان القصيدة الأولى فيه ، و عني بها
الدارسون المحدثون من عرب و مستشرقين ، فترجموها إلى عدة لغات أجنبية.
هو لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري ، قتل والده بنو أسد
في حرب بينهم وبين قومه،ويكنى لبيد أبى عقيل ، وكان من شعراء الجاهلية
وفرسانها، أدرك الإسلام، توقف عن نظم الشعر بعد إسلامه.
لبيد شاعر فطري بعيد عن الحضارة و تأثيراتها يتجلى فنه في صدقه فهو ناطق
في جميع شعره يستمد قوته على صدقه و شدة إيمانه بجمال ما ينصرف
إليه من أعمال و ما يسمو إليه من مثل في الحياة و لهذا تراه إن تحدث عن ذاته
رسم لنا صورته كما هي فهو في السلم رجل لهو و عبث و رجل كرم و جود
و إذا هو في الحرب شديد البأس و الشجاعة و إذا هو و قد تقدمت به السن رجل
حكمة و موعظة و رزانة، و إن وصف تحري الدقة في كل ما يقوله
و ابتعد عن المبالغات الإيحائية و أكثر ما اشتهر به وصف الديار الخالية
و وصف سرعة الناقة و تشبيهها بحيوانات الصحراء كالأتان الوحشية.
و إن رثى أخلص القول و أظهر كل ما لديه من العواطف الصادقة والحكم المعزية
فهو متين اللفظ ضخم الأسلوب فشعره يمثل الحياة البدوية الساذجة في فطرتها
و قسوتها أحسن تمثيل و أصدق تمثيل
توفي سنة 691 و له من العمر أكثر من مائة سنة.
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا
بِمِنَىً تَأَبَّـدَ غَوْلُهَا فَرِجَامُهَـا
فَمَدَافِعُ الرَّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُهَـا
خَلَقَاً كَمَا ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُهَا
دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسِهَا
حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُهَا وَحَرَامُهَا
رُزِقَتْ مَرَابِيْعَ النُّجُومِ وَصَابَهَا
وَدْقُ الرَّوَاعِدِ جَوْدُهَا فَرِهَامُهَا
مِنْ كُلِّ سَارِيَةٍ وَغَادٍ مُدْجِنٍ
وَعَشِيَّةٍ مُتَجَـاوِبٍ إِرْزَامُهَا
فَعَلا فُرُوعُ الأَيْهُقَانِ وأَطْفَلَتْ
بِالجَلْهَتَيْـنِ ظِبَاؤُهَا وَنَعَامُهَـا
وَالعِيْـنُ سَاكِنَةٌ عَلَى أَطْلائِهَا
عُوذَاً تَأَجَّلُ بِالفَضَـاءِ بِهَامُهَا
وَجَلا السُّيُولُ عَنْ الطُّلُولِ كَأَنَّهَا
زُبُرٌ تُجِدُّ مُتُونَهَا أَقْلامُـهَا
أَوْ رَجْعُ وَاشِمَةٍ أُسِفَّ نَؤُورُهَا
كِفَفَاً تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشَامُهَا
فَوَقَفْتُ أَسْأَلُهَا وَكَيْفَ سُؤَالُنَا
صُمَّاً خَوَالِدَ مَا يَبِيْنُ كَلامُهَا
تفع المعلقة في 88 بيتاً، تبدأ المعلقة بوصف الديار المقفرة، و الأطلال البالية،
ثم إلى الغزل ثم إلى وصف الناقة و هو أهم أقسام المعلقة ثم يتحول إلى
وصف نفسه و ما فيها من هدوء ـ اضطراب،لهو ...
فكان مجيداً في تشبيهاته القصصية . و قد أظهر مقدرة عالية في دقته و إسهابه
و الإحاطة لجميع صور الموصوف و يتفوق على جميع أصحاب المعلقات
بإثارة ذكريات الديار القديمة فشعره يمثل دليل رحلة من قلب بادية الشام
بادية العرب إلى الخليج الفارسي.
هو زهير بن أبي سلمى المزني المضري ( احدى قبائل مضر) واسمه: ربيعة بن رياح
المزني،. نشأ و عاش في بني عبد الله بن غطفان فقد كان أبوه قد تزوج امرأة منهم
و أقام هو و أولاده بينهم.
وهو أحد الشعراء الثلاثة الفحول المقدّمين على سائر الشعراء بالاتّفاق
وإنّما الخلاف في تقديم أحدهم على الآخر وهم:امرؤ القيس وزهير والنابغة.
ويقال : إنّه لم يتصل الشعر في أحد من الفحول في الجاهلية ما اتصل في زهير
كان والد زهير شاعراً ، واُخته سلمى شاعرة ، واُخته الخنساء شاعرة ،
وابناه كعب ومجبر شاعرين ، وكان خال زهير أسعد بن الغدير شاعراً ،
والغدير اُمّه وبها عرف ، وكان أخوه بشامة بن الغدير شاعراً كثير الشعر .
يدور أكثر شعر زهير على المدح و الوصف و الحكمة و له قليل من الاعتذار و الهجاء
و كان اكثر مدحه لساداة بني مرة من ذبيان و خاصة هرم بن سنان
ومدح معه أباه سنان بن أبي حارثة و الحارث بن عوف بن سنان و حصن بن حذيفة .
عاش قرابة التسعين سنة.
أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لَـمْ تَكَـلَّمِ
بِـحَوْمانَة الـدَّرَّاجِ فَالْـمُتَثَلَّـمِ
وَدارٌ لَهَـا بِالرَّقْمَتَيْـنِ كَأَنَّهَـا
مَراجِيعُ وَشْمٍ في نَواشِـرِ مِعْصَـمِ
بِهَا العَيْنُ وَالأَرْآمُ يَمْشِينَ خِلْفَةً
وَأَطْـلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ
وَقَفْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ حِجَّـةً
فَـلأيَاً عَرَفْتُ الـدَّارَ بَـعْدَ تَـوَهُّمِ
أَثَافِيَّ سُفْعَاً في مُعَرَّسِ مِرْجَـلٍ
وَنُـؤْيَاً كَجِذْمِ الحَوْضِ لَـمْ يَتَثَلَّمِ
فَلَمَّا عَرَفْتُ الدَّارَ قُلْتُ لِرَبْعِهَـا
أَلا انْعِمْ صَبَاحَاً أَيُهَا الرَّبْعُ وَاسْلَـمِ
تَبَصَّرْ خَليلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعائِـنٍ
تَـحَمَّلْنَ بِـالْعَلْياءِ مِنْ فَوْقِ جُرْثَمِ
جَعَلْنَ الْقَنَانَ عَنْ يَـمِينٍ وَحَزْنَـهُ
وَكَمْ بِـالقَنَانِ مِنْ مُـحِلٍّ وَمُحْرِمِ
عَلَوْنَ بِأَنْمَاطٍ عِتَـاقٍ وَكِـلَّةٍ
وِرَادٍ حَوَاشِـيهَا مُشَـاكِهَةِ الـدَّمِ
وَوَرَّكْنَ في السُّوبَانِ يَعْلُوْنَ مَتْنَـهُ
عَلَـيْهِنَّ دَلُّ الـنَّـاعِمِ الـمُـتَنَعِّمِ
تقع المعلقة في 62 بيتاً.
إن شاء الله من خلال هذا الموضوع
أكون قدرت أقدم فكرة بسيطة وموجزة عن المعلقات السبعة