سلفتسر ستالون في دور رامبو
3
غمرت السعادة جماهير أفلام الحركة بعودة فيلم رامبو من جديد، ففي هذا العام صدر جزء جديد من سلسلة أفلام الحركة الأسطورية التي شهدت نجاحًا هائلًا خلال سنوات عرضها، وجاء اسم الفيلم Rambo: Last Blood وقد نزل إلى السينمات في شهر سبتمبر، وهو من بطولة Sylvester Stallone كالعادة.
والمثير في الاسم Rambo: Last Blood هو أنه يعيد إلى الذاكرة اسم الجزء الأول وهو First Blood والذي صدر في عام 1982، مما يوحي إلى المشاهد العادي بأن الجزء الحالي ربما يكون نهاية للسلسلة المحبوبة والتي اشتهر بها Sylvester Stallone في دور الضابط جون رامبو، وهذه الشخصية إلى جانب شخصية روكي يمثلان الصورة الذهنية التي يمتلكها المشاهد العادي عن سلفستر.
وشخصية رامبو محبوبة للغاية للجمهور بداية من النسخة الأولى للفيلم، فقد حققت أرباحًا طائلة، فقد تكلف إنتاج الفيلم آنذاك 15 مليون دولار أمريكي، وقد جنى إيرادات في العالم أجمع تقدر بنحو 150 مليون دولار، وهو رقم ضخم جدًا فنحن نتحدث هنا عن فترة الثمانينيات.
وتعلق الجمهور الأمريكي بشخصية رامبو بشكل كبير، لأن الفيلم كان يناقش قصة الجنود العائدين من حرب فيتنام، وعدم تقبل البعض من الشعب الأمريكي لهم، نتيجة لعدم قدرة الولايات المتحدة على الفوز في تلك الحرب، فكانت صورة الجيش الأمريكي مهتزة في ذلك الوقت حتى عند المواطنين الأمريكيين أنفسهم.
وهذه القصة المؤثرة جعلت الشعب الأمريكي يتعاطف مع جنوده مرة أخرى وبهذا يكون الفيلم قد نجح في أداء رسالته، لكن الأمر لم يتوقف عند هذه النقطة، فقد استخدمت الشخصية المحبوبة في أجزاء كثيرة على مدار تلك الفترة الزمنية لتصدير صورة الجندي الأمريكي الخارق الذي لا يهزم وبطولاته الجبارة.
وعاد رامبو مرة أخرى لينفذ مهمة في فيتنام في الجزء الثاني للفيلم والذي جاء بعنوان Rambo: First Blood Part II والذي شهد تصدر اسم رامبو للفيلم للمرة الأولى، وهي ظاهرة مهمة يجب ملاحظتها، فقليلة هي الشخصيات الرئيسية في الأفلام والتي يحقق اسمها نفسه نجاحًا وشهرة عالمية وهو ما حققه سلفستر سابقًا في فيلم روكي وهي ظاهرة سنتحدث عنها لاحقًا.
ثم عاد رامبو في الجزء الثالث والذي جاء بعنوان Rambo III لينفرد رامبو باسم الفيلم كاملًا، وقد صدر في عام 1988 وهو واحد من أشهر أفلام الحركة على الإطلاق، وقد جاء ليروج لحرب أفغانستان، ولتصوير الاتحاد السوفيتي كالشرير والعدو الأول للحرية وللولايات المتحدة الأمريكية، وهذا كان الهدف من الفيلم، فوقتها كانت الحرب الباردة بين روسيا وأمريكيا محتدمة.
وعلى الرغم من خروج فيلم رامبو في أجزائه الثاني والثالث عن رسالته الأولى المهمة، إلا أن تلك السلسلة ظلت العلامة الفارقة في أفلام الحركة في وقتها وحتى الآن، وقد نجح سلفستر من خلال هذه السلسلة أن يحفر اسمه كواحد من أساطير الأكشن في العالم أجمع، فحتى يومنا هذا وبعد مرور 37 عامًا على إصدار الجزء الأول لا تزال السلسلة قادرة على النجاح!

شخصيات سبقت الأفلام في شهرتها

والظاهرة التي أشرنا إليها سابقًا والتي تستحق المتابعة والتحليل هي شهرة اسم البطل “رامبو” بشكل يفوق اسم الفيلم الأصلي والذي كان First Blood كما أشرنا، وهذه الشهرة التي حققها الاسم أدت لمناداة الجمهور في العالم كله لسلفستر باسم رامبو بدلًا عن اسمه، وهو ما لم يتحقق إلا لقلة من النجوم.
فمثلًا في مصر قد اشتهر الفنان العظيم محمود عبد العزيز باسم “رأفت الهجان” تلك الشخصية التي جسدها في مسلسل تلفزيوني عرض في كافة أنحاء الوطن العربي في عام 1987 وحتى يومنا هذا يحظى المسلسل بشعبية واسعة، وكان الفنان محمود عبد العزيز كلما مشي في أحد شوارع الوطن العربي وقتها ينادي عليه الجمهور صائحين باسمه في المسلسل.
النجم مخمود عبد العزيز في دور رأفت الهجان
وهناك أمثلة كثيرة على أسماء شخصيات فاقت شهرتها المسلسل أو الفيلم الذي جاءت فيه وعاشت في وجدان المشاهدين، شخصيات مثل شيرلوك هولمز، جيمس بوند، روكي، والعامل المشترك ما بين كل تلك الشخصيات هو الذكاء الحاد الذي تتمتع به و البطولة المثالية والشجاعة الفائقة التي تحلت بها.

عوامل ساهمت في شهرة شخصية رامبو

يوجد أيضًا عوامل أخرى ساهمت في شهرة اسم رامبو، مثل سهولة نطق الاسم فهو يتكون من خمسة أحرف فقط، مما يؤدي إلى سهولة تعلقه في الأذهان وبالتالي تذكره بسرعة، وهو نفس الأمر في اسم شخصية روكي والتي أدي فيها سلفستر دور الملاكم الفقير الذي يكافح من أجل الفوز، وقد اشتهر الاسم كذلك، فأصبح كل جندي مقاتل قوي هو رامبو وكل ملاكم بارع هو روكي.
سلفتسر ستالون في دور الملاكم روكي
عامل آخر ساعد في شهرة اسم رامبو هو عمق الشخصية، فهي ليست مجرد شخصية في فيلم، ففي الحقيقة فيلم Rambo: First Blood من عام 1982 هو معالجة لرواية Rogue Male والتي صدرت في عام 1972، وناقشت الرواية قضية وطنية أمريكية أصيلة وهذا ما جذب الجمهور إليها وجعله يتعاطف معها.

هل الأمر يقتصر على شهرة الأبطال فقط؟

ولا تقتصر شهرة الشخصيات السينمائية أو الأدبية على ” الأخيار” فقط، فعلى الرغم من تعلق المشاهد مع التصرفات البطولية والأخلاق في شخصيات مثل رامبو وشيرلوك هولمز، إلا أن هناك بعض الشخصيات الشريرة التي خرجت عن المألوف واشتهرت بشدة مثل شخصية “البروفسير مورياتي” وهو الشخصية التي تصارع شيرلوك هولمز في القصة الشهيرة Sherlock Holmes the final problem وهي شخصية شديدة الذكاء أيضًا.
وقد شهد الوطن العربي مثل هذه الحالة التي تشتهر فيها شخصية لا تتسم بالبطولة والأخلاق مثل شخصية السيد أحمد عبد الجواد التي وردت في رواية بين القصرين للأديب المصري العالمي نجيب محفوظ، وقد صدرت الرواية في عام 1956 وتأثر الناس بها ثم أنتجت في فيلم سينمائي بنفس العنوان في عام 1964 فازداد تأثر الناس بها، وقام بتأدية الدور في النجم المصري يحيى شاهين.
النجم يحي شاهين في دور سي السيد من فيلم بين القصرين
وقد امتد تأثر المصريين بشخصية السيد أحمد عبد الجواد لدرجة أنهم أطلقوا الاسم الذي أطلقته زوجته عليه “سي السيد” على كل رجل لديه نفس سمات الشخصية التي شاهدوها على الشاشة، وحتى يومنا هذا نسمع اسم “سي السيد” يتكرر في المواقف المختلفة في حياتنا اليومية.