المشاركات
هكذا منح جاسوس أميركي في الـ20 السوفيت قنبلة ذرية!
منذ بداية مشروع مانهاتن (Manhattan Project) الأميركي الذي أسفر عن إنتاج أول الأسلحة النووية، اتجه العديد من العلماء العاملين على هذا البرنامج لنقل معلومات حساسة وخطيرة للاتحاد السوفيتي الذي كان حينها متأخرا في هذا المجال.
بناء على ذلك، لقّب هؤلاء الأشخاص بـ"الجواسيس النوويين"، حيث لعبوا دورا هاما في نقل أسرار التكنولوجيا الأميركية للمعسكر الشرقي، وساهموا بشكل فاعل في حصول الاتحاد السوفيتي على أولى أسلحته النووية. وإضافة لموريس ولونا كوهين وكلاوس فوكس وهاري غولد وجوليوس وإيتيل روزنبرغ، دخل اسم الفيزيائي الأميركي ثيودور هول (Theodore Hall) التاريخ ليصنّف ضمن قائمة أشهر الجواسيس النوويين الذين عرفهم التاريخ.
في خضم الحرب العالمية الثانية، سرّب هول عددا من المعلومات الحساسة حول البرنامج النووي الأميركي للاتحاد السوفيتي.
ولد ثيودور هول يوم 20 تشرين الأول/أكتوبر 1925 لعائلة ثرية بنيويورك. ومنذ طفولته، أبدى الأخير شغفا كبيرا بالرياضيات والعلوم فالتحق سنة 1937 بالمدرسة الثانوية Townsend Harris، وانضم في الرابعة عشرة من عمره لكلية كوينز (Queen’s College) قبل أن يتوجه نحو جامعة هارفارد سنة 1942 التي تخرج منها كمختص في الفيزياء وهو في الثامنة عشرة من عمره.
يعتبر ثيودور هول أصغر عالم انتدب للعمل ضمن فريق الأبحاث بمشروع مانهاتن بلوس ألاموس (Los Alamos) بولاية نيومكسيكو الأميركية، حيث عمل خرّيج جامعة هارفارد الصغير على برنامجي القنبلتين الذريتين "الولد الصغير" التي ألقيت على مدينة هيروشيما يوم 6 آب/أغسطس 1945 و"الرجل البدين" التي استهدفت بعد 3 أيام فقط مدينة ناغازاكي.
أثناء فترة عطلته التي قضاها بنيويورك خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر سنة 1944، زار ثيودور هول بشكل سري مقر الحزب الشيوعي بالولايات المتحدة الأميركية (CPUSA) بهدف إجراء اتصالات مع عدد من المسؤولين لنقل معلومات سرية عن مشروع مانهاتن للاتحاد السوفيتي.
إلى ذلك، التقى ثيودور هول بالعميل السري السوفيتي سيرغي كورناكوف (Sergey Kurnakov)، فنقل له تقارير قدّم من خلالها معلومات عن العلماء المتواجدين بلوس ألاموس، إضافة لوصف دقيق للقنبلة الذرية "الرجل البدين"، والقنبلة الانشطارية ذات نمط الانضغاط الداخلي والبلوتونيوم، ليساهم بذلك بشكل مباشر في إنجاح تجربة أولى القنابل الذرية السوفيتية عام 1949.
بناء عليه، نقلت تقارير ثيودور هول نحو القنصلية السوفيتية بنيويورك لتقع بين يدي الدبلوماسي والجاسوس أناتولي ياتسكوف (Anatoly Yatskov) الذي تكفّل بإرسالها نحو مفوضية الشعب للشؤون الداخلية السوفيتية (NKVD) بموسكو ضمن رسالة مشفّرة يصعب كسرها اعتمدت على لوحة المرة الواحدة. وبفضل مجهوداته في تزويدهم بهذه التكنولوجيا، تحوّل ثيودور هول لمخبر لدى السوفيت ومنح اللقب السري "MLAD".
عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، غادر ثيودور هول منطقة لوس ألاموس ليعمل بجامعة شيكاغو. ومن هناك، واصل الأخير تزويد السوفيت بمزيد من التقارير حول القنبلة الهيدروجينية. لاحقا، تحوّل هذا الفيزيائي الجاسوس نحو إنجلترا ليعمل بجامعة كامبريدج على تطوير طريقة جديدة لفحص الأقسام الرقيقة من الأنسجة البيولوجية.
وعلى الرغم من كل هذه الأنشطة التي نقل على إثرها معلومات حساسة نحو دولة أجنبية، لم يتهم ثيودور هول قط بالتجسس، حيث تعرض فقط لمساءلة وجيزة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي سنة 1951.
قبل نحو عامين من وفاته، أقر ثيودور هول سنة 1997 بأنشطته التجسسية، معللا قيامه بنقلها للسوفيت بخوفه من احتكار الأميركيين للأسلحة النووية، وإيمانا منه بضرورة تبادل المعلومات والتكنولوجيا بين الدول.
