لماذا اشتُهر إمبرتو إيكو بـ"اسم الوردة" دون غيرها؟

مواضيع مفضلة

google-site-verification=D5w-oSMToT0i2p5C9gLSCRSvTOC8w9yn6b38v_QI38Y google.com, pub-6771521127778549 , DIRECT, f08c47fec0942fa0

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

كل الحب وكل الامنيات الطيبه لكل العالم مع الامل من المزيد من المحبه واحترام الراي الحر واختلاف الثقافات مع الاحترام الكامل للاديان وعدم الخوض في ما حرم الله وان نحترم الاخر وان نحاول ان نصحح عيوبه مع الاحترام الكامل للحريه في الوصف والتعبير والتبادل المعلوماتي الله خلقنا من المحبه والواجب ان نرد المحبه بكل الحب في الاحترام الكامل للرسل والانبياء والاديان والتشريع السماوي*All the love and all good wishes to all the world,

المتابعون

أرشيف المدونة الإلكترونية

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات

من أنا

صورتي
انا الفارس والشاعر والاديب في بلادي وبلادك*** انا يا سيدتي من حارب جلادي وجلادك

جديد المدونه

الأربعاء، 30 أكتوبر 2019

لماذا اشتُهر إمبرتو إيكو بـ"اسم الوردة" دون غيرها؟

لماذا اشتُهر إمبرتو إيكو بـ"اسم الوردة" دون غيرها؟

 
الرواية محاكمة فلسفية عقلية تصب في المقام الأول في الغاية التي نشأ فيها الإنسان
الرواية محاكمة فلسفية عقلية تصب في المقام الأول في الغاية التي نشأ فيها الإنسان
  حين يُذكر اسم إمبرتو إيكو، نتذكر "اسم الوردة"؛ الرواية الذائعة الصيت، والفيلم السينمائي الذي لا يُنسى، والقنبلة الأكثر تأثيرًا في توجيه مجرى الثقافة الفلسفية المسيحية الكاثوليكية، إن جاز التعبير، فأطروحته الجامعية عن الفيلسوف الكاثوليكي توما الأكويني، جعلته ينال البكالوريوس في الفلسفة، ووقتها كان يمكن معرفة الدرب الذي سيسلكه الكاتب الإيطالي الذي رحل مع نقده المؤثر.
اسم الوردة .. رحيل الاسم والوردة معًا
الجرائم التي كانت تُرتكب باسم الدين وقصص الحب التي لم ترَ النور والكواليس المظلمة من حياة الكاثوليكية "الغنية" جسدها إيكو في رواية مليئة بالقسوة والدم، في واحدة من أكثر الروايات العالمية تأثيرًا.
سيميائية إمبرتو كانت دائمًا بوصلته النقدية في العالم، ولا سيما بعد أن غاص بمجهره في فلسفات القرون الوسطى مستخرجًا أبرز الرؤى النقدية التي يمكن أن تغير حياة الملايين على الكرة الأرضية، بعد نبذ التعصب الديني والتطرف والتشدد، أيًّا كان.
في Name of the rose ثمة ما هو أبعد من الزمن، ليس مجرد تقديم لحياة الكهنة أو الرهبان في الكنيسة وتطبيقهم للتعاليم الخاطئة للدين وارتكابهم المذابح باسم السيد المسيح، إنما الرحلة مفتوحة الفضاءات للحديث عن العلوم والفلسفة والفنون والآداب واللسانيات، وبكل ما للثقافة والمعارف بصلة.
  
مسيرته الحافلة بالدراسات النقدية أسهمت كثيرًا في خلق روايته الأولى "اسم الوردة"، ما يمكن اعتباره بروح النقد العميق، كما نعاه الرئيس الإيطالي سيرجو ماتاريلا، فيما أطلق ناقدون فنيون على الأسلوب السردي في الرواية بـ"فنون التخييل التاريخي واللغز البوليسي"، حيث دير في شمال إيطاليا (1327)، والصراع بين الرهبنة الفرنسيسكانية وممثلين عن الباباوية والوصول بالتالي إلى الكتاب المقدس، الذي قامت تحت ظله كل الجرائم.
الرواية دقيقة جدًّا وتغوص عميقًا في واقع إنساني قديم، لكن هذا الواقع يبدو للوهلة الأولى غير بعيد عن زماننا، بل تتجسد فيه الأزمنة الثلاث بكل وضوح، ولكن "كل الأشياء تندثر ولا يبقى منها إلا الأسماء"، بحسب ختام الرواية التي صدرت عام 1980 وتُرجمت إلى أكثر من 40 لغة.
الرواية تطرح أسئلة وجودية تتعلق بالإنسان ومصيره وتصرفاته، وتناقش أبعادًا فلسفية لم يجرؤ الكثيرون على طرحها، وخاصة إذا كانت القضية تتعلق بالأديان السماوية، وهذه الفلسفة كانت تتعارض كثيرًا مع المنطق الذي ابتدعه رجال الدين لأنفسهم على أنه المنطق الأصح، سواء بدوران الأرض والشمس أو إخفاء صفحات معينة من الكتاب المقدس أمام الملأ، أو حتى بالمناقشة الوجودية لكثير من الظواهر الغريبة.
من هذا المنطلق، نستقر في حقيقة أن الإنسان بدأبه الدائم في الحياة، إنما يسعى إلى بلوغ الحقيقة كممارسة وقيمة معيارية أساسية، ولطالما كان هدف الفلسفات بلوغ الحقيقة وبالتالي تحقيق السعادة، أو بمعنى آخر: الحقيقة التي تقود إلى السعادة.
هذه المفاهيم عبر عنها إيكو بجرأة بالغة في الرواية، وكان هاجس معرفة أي شيء يعني كل صورها بالنسبة له، وحتى صراع الإنسان مع أفكار الآخرين يكون من أجل الحكم على حقيقة الأشياء، لكن الإشكالية الأساسية هي في اختلاف معرفة حقيقة الأمور بين كل تفكير وآخر.
منذ بدء العقل البشري القيام بعملياته الذهنية المعقدة ومنذ القدم، وأغلبية السلطات تحارب سلطة الحقيقة، والمتتبع للتاريخ سيلاحظ بوضوح محاربة الكنيسة الكاثوليكية لكل عملية هدفت إلى إعمال العقل والوصول إلى الحقيقة، ولعل الفيلسوف الإغريقي سقراط حين قال: "أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك"، وحين قال التشكيكي الفرنسي رينيه ديكارت: "أنا أشك؛ إذًا أنا أفكر .. أنا أفكر؛ إذًا أنا موجود"، كانا قد امتلكا معرفة الحقيقة، وعندما اكتشف العالم الإيطالي جاليليو مركزية الكون، حورب من الكنيسة .. هناك فرق بين أن نبحث وبين أن نشتري أو نحصل عليها محضرة مسبقًا، هذه هي المفارقة.
كيف جمع إيكو بين الفلسفة والرواية والسيميائية؟
هي محاكمة فلسفية عقلية تصب في المقام الأول في الغاية التي نشأ فيها الإنسان وتربع على عرش ثقافة مختلفة عن الآخر، وهو الذي يحدد ما إذا كان الشيء الذي أمامه حقيقيًّا أو مزيفًا، أي بمعنى أدق: جميع الملومات والمعارف والموروثات التي اكتسبها الطفل في مراحل نموه الأولى هي التي تنظم حياته وتجعله يُصدر أحكامًا على أمر ما بالحقيقة أو عدمها.
95 مؤلفًا ألفها إيكو منذ عام 1956 في مجال الفلسفة وعلم اللسانيات والفن كانت كافية لتثري الثقافة العالمية بمفاهيم جديدة ومثيرة لم يتطرق إليها أحد من قبله، سواء بالفكرة أم بجرأة الطرح.
هذا الطرح الفلسفي وغيره يمكن قراءته بالإضافة إلى اسم الوردة في روايته الثانية "بندول فوكو"، حيث النافذة مفتوحة أكثر للتاريخ والثقافة والتشويق ومغامرة تغيير العالم من خلال اللعب على الزمن والفكر والنهج.
أما السيميائية فكانت البطل الأوحد في جميع أعمال صاحب "جزيرة اليوم السابق" و"ست نزهات في غابة السرد" و"مقبرة براغ"، وغيرها، من خلال دراسة أبرز العلامات والرموز التي لجأ إليها إيكو كأيقونات ثابتة لا تتحرك، ما خلقت بالتالي نهجًا فلسفيًّا معرفيًّا انفرد فيه.
ولعل "الرقم صفر" كانت مختلفة وبعيدة عن القرون الوسطى التي تميز بها عادةً، إلا أن هذه الرواية أصدرها إيكو أواخر عام 2015 وهي آخر عمل له، وينتقد فيها نظرية المؤامرة، من خلال تحقيق صحفي غريب يعده الصحفي براغادوتشيو عن مقتل الديكتاتور الإيطالي بينيه موسوليني، ويعتقد إمبرتو أن نظريات المؤامرة تنتشر بشكل غريب عبر مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
وتبقى الأعمال التي قدمها إيكو من أعمق الأعمال الفلسفية الروائية، وهو الذي برع في الدمج بين الرواية كأدب والفلسفة كفكر، وكلها تحت راية السيميائية.
توفي "إيكو"(1932-2016)، في منزله بمدينة ميلانو الإيطالية، عن عمر يناهز 84 عامًا، بعد معاناة مع مرض السرطان.
وافتراضيًّا يأتي سقراط ليقول: "الآن علمت أني لا أعلم أي شيء"، قالها حين مات، وأكملها الألماني غوته: "كم من آفاق لم نطلع عليها بعد".
بناء عليه، تبقى مسألة بلوغ الحقيقة في كون الأشياء التي يدركها الإنسان تكون في ذهنه موجودة وهي على حقيقتها، رغم القول إن مسـألة الحقيقة والبحث عنها معقدة وسرمدية، إلا أن الفلاسفة توصل البعض منهم إلى نظريته التي اعتبرها كل واحد منهم حقيقته الخاصة، رغم أنه خرج من يقول: "ليس من تفسير سليم لمعنى السلوك الإنساني"، وبـ"أننا نعيش عصر اللامعقول واللامنطق"، فهي حقيقتهم وحقيقة الوجود البشري، وعندما نؤكد أن الحقيقة تعني اللاحقيقة نقصد من ذلك الحقيقة التي هي بحد ذاتها لاحقيقة.

بحث هذه المدونة الإلكترونية

المشاركة على واتساب متوفرة فقط في الهواتف